[٢٢] مُلخص لأفكار الفقرة السابقة: تشترك سورة الشمس مع بقية السور المكية في مضمونها؛ فهي تتمحور حول التوحيد والدعوة إلى الله -تعالى-، وتُقيم الأدلة على ذلك؛ بذكر آيات الله -تعالى- في الكون، وإظهار صُنعه البديع، فقد أقسم الله -تعالى- بسبع مخلوقات عظيمة، وتحذر السورة المشركين من الاستمرار في كفرهم، وتذكّرهم بمصير من سبقهم من الأمم وبالعذاب الذي لاقوه، وهي من قصار السور؛ وآياتها خمس عشرة آية. أثر سورة الشمس على المرء المسلم من آثار سورة الشمس على حياة المسلم ما يأتي: بيّنت للمسلم أن الفائز في الدنيا هو من فاز برضا الله -تعالى-، والخاسر هو من خسر نفسه بتركها في المعاصي والذنوب. [٢٣] تجعل المسلم يتفكّر في خلق الله -تعالى-، ويتأمل بديع صنعه -تعالى-، فقد أقسم الله -تعالى- في السورة بسبعة مخلوقات، جميعها تحمل منفعة للإنسان، مما يجعله يتأمل فيها ويشكر الله -تعالى- عليها. [٢٣] تجعل المسلم يستحضر الخوف من الله، ومن عقوبته، وتجعله يخشى من فعل المعصية ومن عدم إنكارها، فالله -تعالى- أهلك قوم ثمود، وجعلهم مشتركين مع الذي عقر الناقة، لأنّهم لم ينكروا عليه فعله، وتابعوه عليه. [٢٤] تبيّن للمسلم أنّ الذي يخشى العاقبة لا يبالغ في الفعل، والذي لا يخشاها يبالغ في عمله وسيلقى جزاءه، ولهذا شدد الله -تعالى- عذاب قوم ثمود وجعلهم عبرة للناس، فالله -تعالى- لا يخشى عاقبة إهلاكهم.
[١٠] قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها... وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها أي فاز من زكى الله نفسه بطاعته، وخاب من دساها؛ أي خسرت النفس التي دسّها الله -تعالى- بالمعصية، وقيل: خابت نفسٌ أضلّها وأغواها، فالمقصود أنّه أفلح من زكى نفسه بطاعة الله ورضاه، وقام بالأعمال الصالحة التي أمره بها -تعالى-، وخسر من دسّ نفسه بعصيان الله، ودسّاها من التدسيس؛ وهو إخفاء شيء في غيره، وقيل: إن دسّاها أي أغواها، وقيل: إن معنى خاب من دسّاها أي خسر الذي أخفى طاعته وأعماله الصالحة، وقد أقسم الله -تعالى- بالمخلوقات السابقة؛ لدلالتها على وحدانيّته، وعلى فوز المؤمن، وخذلان الكافر.
إن رجلا من مُزَينة أو جهينة، أتى النبيّ ﷺ، فقال: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم عليه السلام وأكّدت به عليهم الحجة؟ قال: "فِي شَيء قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ"؛ قال: ففيم نعملُ؟ قال: "مَنْ كانَ اللهُ خَلَقَهُ لإحْدَى المَنزلَتَينِ يُهَيِّئُهُ لَهَا، وَتَصْدِيقُ ذَلكَ فِي كِتَابِ اللهِ: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ ".